info@kazima.org +(00) 123-345-11

الكتب

رثاء الشيخ أحمد غنام الرشيد رحمه الله


الشيخ الأديب أحمد غنام الرشيد في ذمة الله

المصدر:الوعي الإسلامي
الناشر:وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية
المؤلف الرئيسي:المنيس، وليد عبدالله عبدالعزيز (مؤلف)
مؤلفين مساعدين:العلى، فيصل (م. مشارك), العجمي، محمد (م. مشارك), المزروعى، ياسر (م. مشارك)
المجلد/العدد:س 46, ع 524
محكمة:لا
الدولة:الكويت
التاريخ الميلادي:2009

رثاء

الشيخ الأديب أحمد غنام الرشيد في ذمة الله

(1928- 2009م)

د. وليد المنيس                          ود. ياسر المزروعي

والشيخ محمد العجمي                وفيصل العلي

قبل أيام وفي السابع من شهر ربيع الأول لهذه السنة 1430 هـ الموافق 4 مارس 2009  يوم الأربعاء فقدت دولة الكويت والأمة الإسلامية أحد أعز أبنائها وأوفاهم لها ومن آخر علماء الكويت الذين مارسوا الإمامة في أول حياتهم قبل إنشاء وزارة الأوقاف، وكان له دور بارز في الوعظ والإرشاد على مستوى دولة الكويت والأحياء القديمة في ذلك الوقت كالقبلة وشرق والمرقاب وأم صدة، ألا وهو فضيلة الشيخ الأديب أحمد غنام الرشيد الحمود الحنبلي.

اسمه ونسبه

‏هو فضيلة الشيخ أحمد غنام الرشيد الحمود، المعروف بأحمد الغنام أو بـ” ‏أبو عبد الرحمن” من عائلة كان منهم بعض العلماء قبل قدومهم للكويت في نجد وفي الزبير.

مولده ونشأته

‏ولد الشيخ في بيت والده بالمرقاب بدولة الكويت عام ‏1346 هـ الموافق 1928م، وتربى في بيت والده حيث نشأ في كنف ورعاية والديه.

ويقول عن منطقته:

‏قلبي يحن إلى حي ولدت به

‏حي يقال له بعرف الناس مرقاب

طلبه للعلم

‏درس الشيخ أحمد كعادة أهل الكويت قديما في الكتاتيب حيث ابتدأ دراسته في مدرسة العثمان في سوق الدعيج التي كان يدرس فيها الملا عثمان عبد اللطيف العثمان وأخوه الملا عبد الله العثمان، وكان يدرس معه أخوه عبد الرحمن الذي يكبر الشيخ أحمد بسنة وتوفي بعدها بسنوات وهو صغير، ثم الى كتاب الملا سليمان العلي الخنيني بالمرقاب فتعلم عليه الكتابة وتصحيح القراءة وحفظ بعض سور القرآن الكريم، وظل عنده فترة من الزمن، ثم انتقل بعدها إلى مدرسة الملا مرشد محمد السليمان، وبعدها فتح المعهد الديني فالتحق به عام 1948م، حيث كان ضمن الدفعة الأولى له، ويقول «وكانوا يعطونا ثلاثين روبية مكافأة للطلبة الدارسين بالمعهد الديني».

‏كما درس على أيدي كثير من علماء الكويت، وممن استفاد منهم الشيخ العلامة محمد سليمان الجراح رحمه الله حيث درس عليه في الفقه من باب الحج،كما درس على الشيخ محمد أحمد الفارسي متن الأجرومية في النحو مع شرحها، ودرس متن الرحبية وشرحها في الفرائض عند الشيخ عبد الرحمن الدوسري، وكذلك اصول الفقه عنده، ويقول رحمه الله «مازلت احتفظ بمذكرة الأصول في مكتبتي» كما درس على الشيخ أحمد عطية الأثري.

عمله

‏يقول الشيخ رحمه الله أنه عمل أولا مؤذنا في مسجد العجيري المعروف الآن بمسجد الغربللي قرب مبنى البلدية، وكان ذلك عام 1948م، ثم انتقل إلى مسجد الوزان في المرقاب مؤذنا، وبعدها أصبح خطيبا في مسجد دسمان عام 1952م، وكان عمره آنذاك ثلاثة وعشرين عاما، وكان أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله، وصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير البلاد الآن حفظه الله يحضران خطبة الجمعة في المسجد نفسه.

عرف بدماثة الخلق وتواضع العلماء وشغفه بطلب وسعيه لفعل الخير وقضاء الحوائج

ثم تم تعيينه إماما في مسجد ابن بحر، وموقعه مقابل إدارة الجمارك عند قصر السيف على شارع الخليج العربي، وهو أول مسجد في الكويت وأقدم مساجدها، وقد جدده المحسن عبد الله الابراهيم وعرف بمسجد الابراهيم قبل أكثر من مائة سنة، ثم جاءت وزارة الاوقاف وهدمته ورفعته ووضعت تحته دكاكين لكي يوازي منطقة بهيتة، ومن تاريخ ا أغسطس من عام ‏1957م كان الشيخ فيه اماما حتى عام ‏1962م، وبعدها تمت ازالته لتوسعة شارع الخليج.

‏ثم انتقل إلى مسجد العجيري مرة أخرى كإمام له، وبعدها اصبح اماما وخطيبا في مسجد قطعة «6» بالفيحاء، وذلك عام ‏1962م، ثم إلى مسجد الحداد مقابل البنك التجاري، وبقي به إماما سنوات عدة، وفي عام ‏1967م رجع إلى مسجد العجيري وبقي به إماما لمدة إحدى عشرة سنة حتى تقاعد في عام 1978م، وقد خدم في وزارة الأوقاف مؤذنا وإماما وخطيبا ثلاثين سنة، كما أنه كان يقوم بدل الشيخ العلامة محمد سليمان الجراح خطيبا في أوقات مرض الشيخ محمد فكان يخطب في مسجد الساير، وبعدها في مسجد المطير بضاحية عبد الله السالم بدل الشيخ محمد وذلك حتى عام 1996م.

‏كما قام بالتدريس في مدرسة الملا سليمان الخنيني، وكذلك في مدرسة تابعة لجمعية الإصلاح حيث درس القرآن الكريم وبعض الأمور الواجبة في الفقه كالعبادات.

‏وله حلقات مسجلة في إذاعة دولة الكويت في مجالس رمضان للشيخ عبد الله خلف الدحيان وهي في ثلاثين حلقة.

مكتبته النادرة

‏له مكتبة عامرة بالكتب الكثيرة والمتنوعة في جميع العلوم، وفيها طبعات قديمة، فيقول عن نفسه: «أنا كونت مكتبة علمية لا بأس بها أقرأ فيها وانهل من العلم لأنني أحب القراءة واجمع كل كتاب قيم واشتريه لأقتنيه».

التواضع ولطف المعشر

‏كان رحمه الله تعالى لطيف المعشر، فهو صاحب طرف ونكات مع وقار لا يخرجه عن سمته المعتاد فيدخل السرور على جلسائه بما يختاره لهم من قصص وحكايات يتخللها أبيات من الشعر الذي قد تكون وليدة لحظتها، وربما رد على احد محدثيه بنفس سؤاله بسجع غير متكلف، مع ابتكار وتفنن طبيعي، من أجل ذلك كان مجلسه لا يمل.

حبه للعلم ومشايخه وطلبته

‏كان الشيخ أحمد رحمه الله يحب العلم ويحبب محدثيه إليه، ويدعو إلى طلبه ويذكر مشايخ العلم بأحسن ما يذكر عنهم، ويوجه طلبة العلم إذا رأي منهم نجابة وفهما ، ولا يبخل عليهم بالنصح، ويزودهم بنوادر الكتب والمراجع، أو ربما عرضها عليهم بأقل من سعرها الحقيقي تشجيعا لهم على اقتنائها، فمن ذلك اذكر انه أهداني نسخة نادرة من كتاب «صحيح الإمام البخاري»، قديمة جدا – غلافها جلدي له زوائد تطوى حوله – لا تقدر عندي بثمن، واهداني نسخة نادرة «للاختيارات العلمية» للبعلي، وهي اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية كما هو معلوم، وآخر ما تسلمته منه قبل دخوله المستشفى كتاب «الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري» في مجلدات عدة.

قوة ذاكرته

‏امتاز الشيخ أحمد بقوة ذاكرة يسرت له- بعون الله – استرجاع الحوادث والأخبار التي مرت به أو حدثت في الكويت وما حولها بدقة واضحة فيذكرها كما لو أنه حديث عهد بها، وكم مرة سألناه عن علماء واخبار وحوادث فيجيب بثقة ووضوح، كان آخرها لما كان على فراش مرضه الأخير رحمه الله في المستشفى الاميري، عندما سألته عمن زار الكوبت من علماء الاحساء من عائلة الملا، فأجاب وبدد كل شك في ذلك رحمه الله.

زياراته العلمية

‏حرص الشيخ رحمه الله على القيام بزيارات علمية كل فترة، خاصة عندما كان في قوته حيث زار المدينة المنورة، وحضر مجالس المشايخ ومن أشهرهم العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب «أضواء البيان»، ووصف حاله وعلمه وحليته وترحم عليه، وكذلك زياراته لعنيزة في فترة تواجد العلامة الشيخ محمد العثيمين، وكان يحضر صلاة الجمعة معه إذا توافق ذلك، وكان يختار نوادر المؤلفات من مكتبات عنيزة، ويأتي بها إلى الكويت، كما زار علماء الاحساء في زيارة جمعته مع الأخوة المشايخ فيصل العلي وياسر المزروعي ورائد الرومي حيث مروا على مشايخها من آل ملا، والعفالق، والمبارك، والسماعيل وغيرهم.. وزياراته لعلماء الشام كذلك.

سعيه لفعل الخير ونفع المحتاجين

‏كان الشيخ أحمد رحمه الله قبل أن يقعده المرض، من الذين يسعون في قضاء حاجات المعوزين، فكان يوزع عليهم الزكوات والصدقات ويتنقل بنفسه من مكان إلى مكان ليضمن تسليم الزكوات إلى أهلها، وقد تشرفت بالذهاب معه لهذا الغرض أكثر من مرة، وقد أمنه أهل الزكاة فكانوا يسلمونه جزءا من زكواتهم ليوزعها بمعرفته علي مستحقيها، فكان يوزعها بأمانه ودقة، وكان يقول دائما: «انظر الى المستحقين خاصة من عنده بنات فأنهن أحوج من غيرهن، وذلك لحفظهن من تعريض أنفسهن لأي شر إذا ما ظهرت حاجاتهن» لهذا كان يخصص لهن كثيرا لمعرفته بحاجاتهن.

من شعره

لآلئ تخليد لحبر مبجل

‏      هو الشيخ عبد الله ذاك السميدع

لقد صاغها صوغ الخبير محمد

‏   إلى ناصر العجمي في الأصل يرفع

أبان بها يا صاح خير مناقب

لشيخ المعالي والخلائق تجمع

محمد لا شلت يمينك من فتى

‏                           فأنت لفعل الخير ورد ومنبع

فسفرك عقد فوق صدر مليحة

‏                  تلألأ نورا في الدجنة يلمع

لقد كنت في مسعاك برا موفقا

               روائح عطر الصدق فيك تضوع

جزاك الذي أولاك خير جزائه

‏                  فلا زلت بالعلياء ترقى وتطمع

فأنعم وأكرم من فتى زانه التقى

‏                 على سنن الأسلاف ماض ومزمع

محمد من للعلم كرس وقته

‏                    فمن كل بحر للمعارف يكرع

لقد زانه جد وحزم وحنكة

               فيشفيك في التحقيق لا يتصنع

حكي الصدق مختارا ودون تكلف

‏             أتى بسطور في الحقائق تصدع

مناقب عبد الله جلي كثيرة

‏            فما طالها المحصون حين تتبعوا

تقي حليم عالم متورع

‏                  ففي معضل التحكيم هاد ومرجع

وأحيا دروس العلم بعد اندراسها

‏                  وليس له في ذي الدنا قط مطمع

مواعظه كانت دواء وبلسما

‏                     لها في سويدا القلب وقع وموقع

       رسائله در يتيم منضد

             وألفاظها لهي اللجين المرصع

      فعنه فسل أهل المحبة والوفا

                      تجدهم لعمر الحق بالمدح اجمعوا

       ويكفيه إجماع الورى في امتداحه

‏               فإن قام يدعو الناس فالكل يسمع

فكان رؤوفا بالفقير حياته

‏                      وصولا لحبل الود حاشاه يقطع

     فذا الحبر عبد الله بدر زمانه

                      فذكراه بين الناس بالنور تسطع

      وصل الهي بكرة وعشية

‏                     على أحمد المختار فهو المشفع

     على الآل والأصحاب خير بني الورى

                            وتابعهم من للشريعة يتبع

     بعد الحصى والرمل ما وابل همي

                           وما صاح طير السعد في الأفق يسجع

وفاته

‏وبعد أن ركبت له بطارية للقلب خرج من المستشفى بعد ثلاثة أسابيع، وكان قد شفي مما أجلسه في المستشفى وفي صباح يوم الأربعاء خرج من المستشفى كعادته ماشيا، وبعد ان وصل إلى البيت اخذ في الاغتسال من آثار المستشفى، وبعدها توفي رحمه الله، وكان خبر وفاته فاجعة لاهله واقاربه وأحبابه وطلبته القريب منهم والبعيد، فرحم الله الشيخ أحمد الغنام واسكنه أعلى فراديس الجنان.

Tabligh - Copyright 2021. Designed by Nauthemes