info@kazima.org +(00) 123-345-11

الكويت بقلم شيخ القراء والمقارئ المصرية محمود خليل الحصري

الكويت

بقلم شيخ القراء والمقارئ المصرية محمود خليل الحصري

من كتاب رحلاتي في الإسلام

ونلتقي لنحكي أخبار رحـلة أخرى إلى وطن عربي إسلامي آخر زرته عدة مرات، في كل مرة أزوره فيها أجده أجمل منظراً، وأبدع تنسيقا.

ألا وهو الكويت.

ولنقف عند أخبار الرحلة منذ البداية.

هبطت بنا الطائرة حيث مطار الكويت الجديد، الذي يقع بين مدينتي الكويت، والأحمدي، ويعتبر آية في الفن المعماري الحديث.

وخرجنا من أرض المطار لتستقبلنا الأبنية الفاخرة، والشوارع المنسقة. فالكويت ينفق جانباً كبيراً من دخـله على رفع مستوى المعيشة، وتوفير أسباب الراحة لمواطنيه في كل القطاعات.

لمحة من التاريخ: 

سألت: أين نحن الآن من العالم الإسلامي؟

أجاب المرافق بقوله: 

«نحن الآن في شمال غربي الخليج العربي، يحدنا شمالا العراق، وجنوباً السعودية، وشرقاً الخليج العربي، وغرباً المنطقة المحايدة. «

ودولة الكويت دولة عربية مسلمة، برزت أهميتها يوم احتـل الفرس البصرة، ونقلوا حركة التجارة منها إلى الكويت، مما زاد عدد المهاجرين إليها خاصة من منطقة الخليج، والجزيرة العربية … يبلغ عدد سكانها قرابة الربع مليون نسمة كلهم مسلمون، عدا بعض الأقليات الأوربية التي تعمـل في حقول البترول.

ولعلك تتعجب حينما تعرف أن مساحة دولة الكويت لا نتجاوز ستة آلاف ميل مربع، والكويت إسم الإمارة كلها وعاصمتها التي تقع على الضفة الجنوبية من الجون الصغير. 

يقول عنها الكويتيون أنفسهم أنها مدينة حديثة لكنها تقع في منطقة قريبة من موقع كاظمة التي ورد ذكرها في حوادث الفتح العربي عندما وقت معركة بين العرب بقيادة خالد بن الوليـد، وبين الفرس بقيادة هرمز عام ١٢ للهجرة. 

ومنذ اكتشف البترول في أرض الكويت أنشئت مدينة (الأحمدي) وسط منابعه، تبعد حوالي 37 كيلو مترا إلى الجنوب على البحر، وهي مركز شركة النفط الكويتية، ولهـا ميناء خاص بها يسمى (ميناء الأحمدي)، وتعد هذه المدينة من أجمل المدن العربية الحديثة في الشرق. 

وهناك من المدن الحديثة مدينتي حولي مركز محافظة حولي، ومدينة السالمية، وأيضاً هناك بعض القرى المتباعدة مثل: أبو حليفة، والفنطاس، والجهراء، وكاظمة، والروضتين. 

والكويت متصلة بالعالم الخارجي عن طريق البحر، ومتصلة بالأقطار العربية عن طريق البر، تأتيها البواخر والطائرات كل يوم محمــــلة بالأطعمة والخضروات، ذلك لأن أرضها قاحلة قلما ينبت فيها العشب لقلة الماء الجوفي، وانعدام الأمطار، مما دعى الحكومة الكويتية إلى إقامة مشروع عظيم لتقطير مياه البحر لتتوفر للناس حاجاتهم من الماء. 

وكعادتي في كل بلد أزوره أحرص كل الحرص على معرفة تاريخ دخول الإسلام فيه أستشفها خاصة من أفواه أهله. 

قال لي أحد علماء الكويت: 

إن الإسلام عرف طريقه إلى هذه البقعة من الأرض العربية الإسلامية منذ أواخر القرن الحادي عشر من الهجرة، وأوائل القرن الثاني عشر، يوم رحل إليها عدد كبير من البدو، وصيادي الأسماك المسلمين، وبعض القبائل المهاجرة من قطر، وما جاورها من البلاد خاصة قبيلة بني خالد التي لم يكتب لها البقاء المستمر في الأراضي الكويتية. 

غير أن قبائل العتوب إحدى بطون قبائل عنزة ـ موطنهم الأصلي وسط الجزيرة العربية، ومن أنشط القبائل العربية في التجارة وصناعة السفن ـ هي التي استقرت داخل الكويت منذ زمن بعيد، ولا زال منهم من يعيش بيننا إلى وقتنا هذا.

حقائق ومشاهدات: 

على الرغم من صغر مساحة دولة الكويت، إلا أنك تحس فيهـا العربي الاسلامي الصميم، ترى عدداً كبيراً من المساجد، والزوايا، والمعاهد، والمدارس الدينية.

فالكويت تعمل جاهدة على نشر التراث الاسلامي، وتقدم كل إمكانياتها للعاملين في مجال التعليم الديني على وجه الخصوص. فهناك أقيم معهد ديني كبير يتعلم فيه الطلاب تجويد القرآن الكريم، والتفسير، والحديث، وجانب من العلوم الشرعية والفقهية، والعلوم الاخرى. 

وفي الكويت عدة مدارس على المستويات المختلفة، وعلى أحدث طراز في العالم، من ناحية البناء والاستعدادات وطرق التعـلم ـ تعتنى في مناهجهـا الدراسية خاصة بالجانب الديني ـ يجلب إليها كل عام أعداد ضخمة من أبناء الازهر الشريف، ومدرسي الجمهورية العربية المتحدة.

أما المساجد فمن بين ما رأيت منها المسجد الاحمدي، وهو من أروع المساجد الكويتية بالقرب منه جمعية الإرشاد الاسلامية التي تعمل جاهدة على إنماء روح المعارف الإسلامية، وتربية النشىء على مبادئ ديننا الحنيف، كما تعمل أيضاً على ربط الناس بعضهم ببعض عن طريق المحاضرات، والمواعظ التي تلقى عليهم أيام الجمع، وفي كل مناسبة دينيـة ـ راجية بذلك رسم الطريق الصحيح للفرد، وعلاقته بربه أولا، ثم بالناس من حوله ثانياً.

ومن المساجد الاخرى التي شاهدتها هناك مسجد البدر الذي أسسه الحاج ناصر البدر عام 1815 للميلاد، ومسجد المرحوم الحاج عبد الله العثمان بحي النقرة (أنفق في تشييده مبالغ طائلة حتى أصبح تحفة من الفن المعماري الحديث، بل ومن أعظم المساجد التي شيدت في تاريخ الكويت ) . 

وهناك أيضاً مساجد أخرى لا تقل جمالا وروعة عن مسجد الحاج عبدالله، كمسجد هلال في حي العوازم، ومسجد آل خليفة على شاطىء الخليج وأيضاً مسجد الشويخ بجوار المدرسـة الثانوية التي أصبحت مقراً لجامعة الكويت الحديثة. 

عادات وتقاليد: 

وعشت أياماً طيبة بين أبناء الكويت، لم أحس خلالها أنى غريب عن أهلي، وعشيرتي، بل في كل خطوة أخطوها أشعر وكأنى داخل داري، وبين أهلي، ذلك كله لأن شعب الكويت شعب كريم مضياف ، في كل عاداته السمات الإسلامية السمحة ، فشهر رمضان المعظم له طابع الإجلال ، والاحترام عندهم . فإذا ما أهـل الشهر بجلاله تسابق الناس في استقباله بالتسبيح، والاستغفار، والقيام، ثم بنحر الذبائح وتوزيعها على الفقراء والمساكين، فالكويتيون أهل كرم.

 من عاداتهم إقامة الموائد الغاصة بأنواع الأطعمة خاصة (الثريد) للأصدقاء، والجيران، والغرباء الذين يعملون في المصالح الحكومية، والمدارس. 

ومن عاداتهم أيضاً بدء الإفطار بتناول ثلاث حبات من التمر، وكوب من اللبن سـنة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما أن المساجد تظل مفتوحة طوال الليل والنهار، يتلى فيها القرآن الكريم، ويتدارس قبيل الإفطار، وبعد صلاة العشاء، والتراويح، وحتى ساعة متأخرة من الليل.

والحكومة الكويتية تنظم ساعات العمل خلال أيام الشهر الكريم لما له من قداسة في نفوس المسلمين، وتسهيلا على الصائمين من شدة القيظ.

 ولعل من أروع ما شاهدته أن أولي الأمر في الكويت يحرصون على مظاهر الاحتفال بليالي شهر رمضان، فيقيمون احتفالا كبيراً في كل مسجد – يؤمه الأهالي من كل حدب وصوب ـ يقرأ فيه القرآن الكريم ويتدارس بعد صلاة العصر، وحتى قرب موعد آذان المغرب. 

وما أن يؤذن المؤذن معلنـاً حلول موعد صلاة المغرب حتى يخرج الناس لتناول الإفطار، ثم يعودون للصلاة، وسماع القرآن حتى صلاة العشاء، وإلى ساعة متأخرة من الليل. 

ومن المظاهر الرمضانية الفريدة في الكويت إقامة حفل كبير بمناسبة ذكرى انتصار المسلمين يوم غزوة بدر الكبرى ليـــلة النصف من الشهر يحضره عادة الأمير، والوزراء والأعيان، كما يقام أيضاً في كل منزل، وفى كل مسجد حفل ليلة السابع والعشرين تيمناً بليلة القدر 

وهكذا رأيت الكويت مبعوثاً من جمهوريتنا العربية المتحدة، وضيفاً على وزارة الأوقاف ، والشئون الإسلامية الكويتية لإحياء ليالي شهر رمضان المعظم بين إخوة لنا جمعتنا وإياهم راية الإسلام دين السلام ، والهداية والرشاد .

 وهكذا رأيت أهل الوطن العربي الشقيق إسوة يحتذى بهم في الشهامة العربية الأصيلة، والكرم الفياض النابع عن روح الإسلام ذلك الدين القيم الذي يهب القلوب المؤمنة به نوراً، ونورانية يستشعرون بها الطريق إلى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

المصدر: مركز الوراق للتراث

Lorem Ipsum

اترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Tabligh - Copyright 2021. Designed by Nauthemes