لقاء مع الشيخ حسن مناع
حفظت القرآن وأنا ابن عشر سنين
حسن مناع: عاصرت ثمانية عشر وزيرا للأوقاف والشؤون الإسلامية
| إعداد : سعود الديحاني | نشر في جريدة الرأي 5/ ديسمتبر/ 2008
الحياة كثيرة محطاتها وعبرها لا يشعر بتلك المحطات إلا من كان له رسالة خالدة يؤديها ويطوي لها الليل بالنهار فيجد السعادة ولذة بتحقيقها هكذا صاحب الرسالات الرائدة الشيخ حسن مناع صاحب رسالة انسانية دعوية امضى بها حياته واعطى لها كل ما يملك من طاقة وصحة يحدثنا عن قريته وماذا درس وتعلم بها؟ ثم يسترسل معنا في الحديث عن ركب حياته العلمية التي بدأت بصعيد مصر حتى جاء للكويت يوم كانت شق غمام الرقي والحضارة بعد الاستقلال بعامين درس بالمعهد الديني اربع سنين ثم انتقل إلى وزارة الاوقاف وكان له اثر كبير في انشائها وتطورها حيث تقلد كثيرا من المناصب وتجول بإدارتها مطورا لها ومبدعا بها فلنترك له الحديث: نشأت في قرية من قرى الغربية في مصر التابعة إلى طنطا كان والدي هو عمدة هذه القرية ولكنني مع الأسف الشديد لم اره لأنه توفي وعمري سنة ونصف سنة وبحثت كثيرا عن صوته عندما كنت في المعهد الديني حيث ان نفسي تاقت لرؤية صورته وفعلا حصلت على صورته واخوالي من علماء الازهر الشريف وانا عندما وصلت إلى سن التعليم التحقت بالازهر وهو معهد طنطا الديني وكان معهد طنطا الديني هو بدايتي درست المرحلتين الابتدائية والثانوية فيها ثم التحقت في كلية اصول الدين بالقاهرة وتخرجت فيها وكانت مدة الدراسة بها اربع سنوات وكان ذلك سنة 1947 ودرست بالتخصص سنين وحصلت على شهادة العالمية سنة 1949 وبعد ذلك بدأت بالتدريس في احد فروع الازهر في مدينة سوهاج من الوجه القبلي حيث كان المعهود بالازهر ان المتخرج حديثا يذهب إلى الصعيد فمكثت في مدينة سوهاج حتى العام 1951 وبعد ذلك نقلت إلى معهد طنطا مدرسا وانا كنت ادرس التفسير والحديث لأن تخصصي التفسير والحديث وقد درست هذه المواد في معهد سوهاج في قسم الثانوي ولعدم وجود مدرس لمذهب الحنفي في قسم الفقه درست مادة الفقه في القسم الثانوي في فرع سوهاج وعندما نقلت إلى طنطا مارست التدريس حسب تخصصي ثم رأى المسؤولون ان اتولى الاشراف على المعهد ومعهد طنطا هو الثاني بعد الازهر فأصبحت مراقبا فيه ثم صدر لي قرار بأن اكون وكيل معهد ولكن لم يكن في قريتنا بل كان في كفر الشيخ ثم نقلت إلى سمنهور الديني ثم إلى معهد طنطا الديني وقد عرض علي ان اخرج في بعثة خارجية لكنني رفضت ذلك بناء على طلب والدتي رحمها الله حيث قالت لا تسافر للخارج وقد عرضت علي ادارة البعوث لكن رضا الوالدة مقدم على كل العروض بعدما اذنت والدتي لي فتقدمت على ان اكون عضو بعثة وكانت البعثة الأولى هي للكويت وقد تكرمت بأن اكون معارا من الازهر الشريف للمعهد الديني وكان ذلك سنة 1963.
المعهد
حططت رحالي في الكويت سنة 1963 ودرست في المعهد الديني فدرست لكثير من الطلاب في الكويت الذين هم اليوم يتبوأون مناصب عليا في البلد والمواد التي كنت ادرسها التفسير والحديث لأنه اختصاصي بالاضافة إلى مادة النحو وكان مكان المعهد الديني في المباركية ثم نقل إلى منطقة الشرق ومن زملائي من المدرسين الشيخ علي حمادة والشيخ عبدالوهاب الفارس كان يدرس الفقه الحنبلي وقد ربطتني علاقة طيبة مباركة مع تلاميذي الكويتيين.
النزول
بعد انتهاء الإعارة رجعت إلى مصر سنة 1967 وما كنت افكر ان اعود ثانية للكويت حتى جاءني الشيخ المرحوم عبدالرحمن الفارس الذي توفي قريبا منذ اسابيع وقد بكيت عليه كثيرا وانا اليوم اقضي غالب وقتي بالدعاء له والقراءة له لقد نزل وجاءني بطنطا وتعاقد معي لأجل ان اعمل بالاوقاف على اعتبار ان لي مصالح بمصر قال تأتي سنتين ثم تعود ولم استطع بعد ذلك الاعتذار لأنهم كانوا يطلبون التجديد لي باستمرار من الازهر الشريف وهو يستجيب لطلب الكويت وبقيت بفضل الله اؤدي الرسالة على اكمل وجه إلى يومنا هذا.
العمل
انا عندما عدت للكويت كنت واعظا وخطيبا ومدرسا هذا نص العقد الذي ابرمته معي الوزارة لكن بمجرد وصولي اسندوا لي بجانب ذلك وظيفة مدير معهد الخطابة والإمامة وهذا المعهد كان متخصصا لدراسة الأئمة والخطابة وبعدما ان استوعب الامة توقفت الدراسة به واغلق. وموقعه في شارع فلسطين في المباركية وبقي مبناه وكل اثاثه الذي هو مجهز به بقي في داخله.
الدار
ولما اراد الله سبحانه ان تنشأ دار القرآن الكريم بالكويت وتكون المؤسسة التي انتشر القرآن الكريم من خلالها وبسبب بسيط كان هو الدافع لإنشائها فأنا ذهبت إلى مسجد الملا صالح في شارع فهد السالم وكان يجلس احد الاخوة بجانبي وهو على ما اظن انه من التجار ويخطئ بالتلاوة لأن من عادة الاخوة الكويتيين انهم يقرأون بالمصاحف حتى يخرج الخطيب فأنا سمعته يقول «فاستعوني بالصبر والصلوات» فقلت له لا يا أخي يمكن انها مرسومة بالواو لكنها بالصلاة لأن النطق غير فقال لي كلمة لا انساها «انت تقرأ وتصلح لي الله يرحم والديك وجزاك الله خيرا» وظل كذلك يقرأ وانا اصلح له القراءة حتى جاء موعد الخطبة فخطبت بالناس وصليت وذهبت إلى البيت ولي عادة انام بعد الظهر قليلا ولكن في هذا اليوم امتنع النوم عني وقلت في نفسي لماذا لا ينشأ في الكويت دار للقرآن والظروف مواتية والمبنى موجود والمقاعد موجودة وسوبرات موجودة والصفوف موجودة وكل الامكانيات متوافرة.
التقسيم
خلال هذه الفكرة قمت وقسمت المصحف على اعتبار حفظ كل يوم خمسة اسطر فيمكن لدارسيه ان يحفظوا خمسة اجزاء في السنة ويتم حفظ القرآن كاملا بست سنوات فتحددت المدة وكتب ذلك كله وفي صباح اليوم الثاني جاءني الشيخ عبدالرحمن الفارس وقلت له انني عندي فكرة فعرفها وقال: نعم الفكرة وانا في ذلك كنت مستشارا ثقافيا في الوزارة ولي بها مكتب يوم كانت عبارة عن «كبرة» في مجمع الوزارات الحالي.
انتظر
الشيخ عبدالرحمن الفارس عندما سمع المقترح مني قال: انتظر حتى يأتي الوكيل وكان الوكيل حينئذ عبدالرحمن المجحم اطال الله عمره فذهبنا اليه ولما دخلت عليه قلت له: انني اليوم ثائر قال: نعم الثورة وما عهدناك ثائرا قلت له ان القرآن ضائع في بلدكم وقال ماذا تريد؟ قلت انشاء دار للقرآن الكريم والظروف مواتية ولا عقبات تمنع من قيام دار للقرآن الكريم فتردد اولا وقال: انني اخاف ألا ينجح هذا المشروع ثم قال كم تعطي نجاحا لهذا المشروع بالمئة؟ قلت له انا لا اعطيه مئة بالمئة انا اعطيه الفا بالمئة لأننا لو حفظنا المؤذنين والائمة لكفا قال: امض بالفكرة وانشر الخبر بالصحف والإذاعة والتلفزيون.
الافتتاح
المبنى كان في شارع فلسطين ولما فتح بابه اقبل الناس بصورة منقطعة النظير ثم قال لي الشيخ عبدالرحمن المجحم ان المكان يتسع لـ 300 دارس المتقدم 700 ماذا نفعل؟ قلت اجعلها فترتين الاولى في الصباح وهي للأئمة والمؤذنين لأنها وقت فراغهم والثانية في المساء للراغبين في حفظ القرآن الكريم من الشعب وفعلا كان ذلك.
المسائية
لقد التحق في الفترة المسائية ضباط وجنود ودكاترة واذكر من الملتحقين المستشار احمد مباشر دخل يحفظ قصار السور وتخرج يحفظ القرآن كاملا وهو مستشار في وزارة العدل.
الاختيار
لقد اخترت لتدريس في دار القرآن وعاظ الوزارة كان منهم الشيخ حسن ايوب الله يرحمه وعطية صقر ورضيان البيالي وكان منهم الشيخ عبدالله النوري وكان يأتي ويدرس يوميا بدار القرآن الكريم ثم اصبحت لها سمعة طيبة في الكويت وغيرها.
الضيوف
اصبح لدار القرآن سمعة خارج الكويت عن طريق الضيوف الذين يأتون للوزارة فأول شيء يزورونه هو دار القرآن والاطلاع عليها وعلى يسر العمل بها وكيفية الدراسة بها وما المنهج الذي وضع لها؟ فكل وفد زائر يوضع له من ضمن برنامج الزيارة زيارة دار القرآن منارة القرآن الكريم.
المواد
جعلت دار القرآن حين بدايتها للقرآن حفظا وتجويدا وترتيلا ثم اضيفت لها مادة التفسير لكي يعرف الدارس عندما يحفظ معنى ما يحفظه من القرآن الكريم ومادة التجويد لتعينه على الترتيل واقبل الناس على ذلك.
الإعجاب
كان الضيوف عندما يمرون بين الفصول يعجبون ايما اعجاب ويطلبون مني المنهج لكي يطبقونه في بلادهم واذكر منهم الشيخ عبدالحليم محمود آخر شيوخ الازهر مر على الفصول وتأثر بتلاوة احد دارسيه وكانت تلاوته تبكي السامع وهو من بخارى ورأيت الدموع نزلت من عيون الشيخ عبدالحليم محمود وكان معه عميد اصول الدين بالقاهرة… اخذت سمعة طيبة.
الضواحي
جاءت الطلبات من جميع ضواحي الكويت يريدون فرعا في مناطقهم وقد ساعد على نشر فروع دور القرآن الدكتور يعقوب الغنيم وكان وكيلا لوزارة التربية وكان يقول لي: اختر اي مدرسة وانا اوقع لك عليها لاستعمالها في الفترة المسائية لتحفيظ القرآن الكريم وهو الذي ساعد في نشر تلك الفروع امد الله في عمره انتشرت دور القرآن في الضواحي الفحيحيل والجهراء والاماكن البعيدة وكان ذلك سنة 1971 يوم المولد النبوي.
النساء
اتصلت علي الشيخة لطيفة فهد السالم سنة 1977 وقالت انتم مهتمون بالرجال وتتركون النساء لماذا لم يكن دور لتحفيظ النساء؟ قلت اتصلي على الوزير وانا حاضر فاتصلت وكان الوزير في ذلك الوقت هو الشيخ يوسف الحجي امد الله في عمره قال ضع منهجا للنساء واختار لهن المكان فعلا ووضع لهن منهج مخفف عن الرجال واخترت مدرسة ام عطية الانصارية في الضاحية مقابل مسجد فاطمة لأنه اذا جاءت محاضرة ولم يتسع المكان يذهبن إلى المسجد وهذه هي الفكرة ثم انتشرت مراكز النساء بدأنا بمركز واحد وهي اليوم اربعون مركزا وانا كنت مديرا لدار القرآن الرجال والنساء.
المتخرج
فكرت بعد ذلك بأن المتخرج قد قضى فترة مع القرآن الكريم لما يلتحق بمرحلة اخرى فأنشأنا معهد الدراسات الاسلامية ليأخذ زاده من العلم بعدما حفظ القرآن فأنشأنا ذلك المعهد وكان التفسير والحديث والنحو وبعض المواد وكان سنة 1975 يتزود بالعلم بعد الاطمئنان عليه بالقرآن وكذلك انشأنا مركز دراسات للنساء بعد ست دراسات في دار القرآن تأخذ بعد ذلك مواد اخرى ونحن فكرنا بمعهد الدراسات بعد اربع سنين من انشاء دار القرآن.
البقاء
ظللت في دار القرآن وكنت في منتهى السرور والانشراح لأن ربي وفقني لهذا المشروع العظيم وقد استقدمت مدرسين من القاهرة لفن التجويد لا يقدر عليه كل الناس وانا اخترت من معهد القراءات من الازهر الشريف وقد الفوا كتبا لذلك ودار القرآن كانت اساسا لحلقات القرآن واساسا لاجراء مسابقات حفظ القرآن وبين الهيئات لتحفيظ القرآن والمسابقة الكبرى التي يرعاها صاحب السمو.
التحرير
طلب مني الوزير في سنة 1983 بأن أكون مدير تحرير مجلة الوعي الإسلامي وخلفني لدار القرآن السيد عبدالله الناجم وكان نشيطا وانا بقيت رئيس تحرير مجلة الوعي الاسلامي حتى الغزو.
البرنامج
كان عندي حديث الصباح في الاذاعة ومساء الخير يا كويت في البرنامج الثاني وكان عندي برنامج على الهواء مباشرة قبل صلاة الظهر وعبدالعزيز المنصور هو الذي اختارني في هذا البرنامج واردت الاعتذار لكنه قال لي البرنامج تتميز به اذاعة الكويت وارجو ان تستمر وبقيت به من العام 1981 حتى الغزو وهذا البرنامج يوميا والناس يستمعون به بشوق لأنني كنت انتهج منهج الوسطية في الاجابة واخاطبهم بأسلوب سهل وميسر وبأسلوب يرغبه الجميع وكذلك كنت اشارك في التلفزيون لبرامج الحج اعلم الحاج من وقت طلوعه من البيت حتى عودته كل اعمال الحج بالصوت والصورة والحمد لله كل هذه الاعمال جاءت بفترة الشباب كنت البي جميع النشاطات وانا مسرور، وفي السنة التي جئت بها اختاروني عضوا في لجنة الفتوى التي كان رئيسها عبدالله النوري وكانت الاجابات شفوية والمراجعون يأتون عندنا انا والشيخ عبدالله النوري والشيخ الاشقر والاجابة شفوية ليست كما هو اليوم نجلس يأتون الناس اما اليوم فهي منظمة، كنا نجلس وقت العصر بدار القرآن، ثم تم اختياري نائب رئيس الفتوى ثم اخيرا رئيسا لهيئة الفتوى.
الجمعة
كان معي جدول المساجد ضواحي الكويت اخطب بها وقد خطبت في فترة الغزو ولم اكن خطيبا، مسجد الدعيج الذي كان بجانب بيتي خطبت به حيث ان جميع الخطباء اتصلوا بي وقالوا ماذا نخطب قلت خطبة عادية لأن التعرض للأزمة يضر ولا يفيد وفعلا التزموا ثم ذهبت انا لأصلي فلم اجد الامام فسألت المؤذن فقال الامام في المستشفى يجري عملية، قلت ماذا سوف غدا قال نصلي الجمعة ظهرا قلت عيبا ان اكون موجودا وانتم تصلون الجمعة ظهرا فقمت وخطبت الجمعة وكانت الخطبة الأولى الأمل في فرج الله اما الخطبة الثانية فرأيت كويتيين مسنين الدموع تتقاطر من عيونهم وقلت سوف تعود الكويت حرة ابية ثم نصحوني بألا اعرض نفسي للخطر والجمعة التي بعدها كانت بعنوان لا تقنطوا من رحمة الله.
مصر
لقد جلست معظم الازمة في الكويت ثم خرجت بعد ثلاثة اشهر قالت زوجتي التي توفيت بالكويت نموت ونحيا في الكويت لكنني سمعت في اذاعة مونت كارلو ان هناك مجاعة سوف تأتي اذا اغلقت حدود الاردن فقلت لا استطيع على هذه المجاعة فخرجت الى مصر ولما سافرت اتصل بي الاستاذ خليل ابراهيم متولي اذاعة الكويت في القاهرة لأنها تذاع منها قال ان الكويتيين يريدون ان يسمعوا صوتك مرة ثانية قلت انا حاضر لكن ليس عندي سيارة اتي بها إلى القاهرة لأسجل قال: سوف اسجل لك وانت في بيتك ونحن نذيع فعلا كنت اجلس الساعة الثامنة صباحا في بيتي وهو يتصل بي واسجل الحلقة وقد سمعها اهل الكويت فلقد قالوا لي بعد التحرير انهم بكوا يوم سمعوا صوتي وانا اقول يا أم الشهيد لا تحزني فإن ابنك في الجنة وابن الشهيد لا تحزن فوالدك بالجنة.
وعند التحرير احسست بفرحة الكويت اكثر من فرحة يوم العبور انا جالس في بيتي واسمع الزغاريط في البيوت وجاء الناس يهنئوني بتحرير الكويت فكانت فرحة لا نطير لها لأن الله سبحانه قال «قد خاب من افترى» وهم الغزاة ربنا انتقم منهم.
العودة
الاخ خليل ابراهيم الذي كان يسجل لي حلقات برنامجي من القاهرة الذي كان يبث ابان الغزو قال انا سوف اسافر لكي انظم الاذاعة داخل الكويت قال لي ماذا يلزمك؟ قلت حاجتين قال ما هي: قلت كل الذي سجلته طوال الشهرين لا تحسب علي مالا واجرا قال لماذا؟ قلت: انا ياما اخذت من اذاعة الكويت من البرامج واستفدت من اذاعة الكويت ومن اللقاءات والتلفزيون والاذاعة واخذت مكافآت والوضع اليوم تغير انتم اليوم ضيوفنا ولا يجوز للمرء ان يأخذ من ضيفه واذكر انه قال: انت عملة نادرة وقلت اذا سجلت لي مكافآت فلن اخذها وسوف ترد امانات.
جئت للكويت في اول دفعة وصلت للكويت واستأنفت عملي.
العمر
عند انشاء مركز النساء قال لي الشيخ يوسف الحجي اعمل لهم منهج قلت سوف يكون مخفف عن الرجال وقد طبعنا استمارة فيها بيانات الملتحق وقمت انا بإلغاء العمر من استمارة النساء قال لي الشيخ يوسف الحجي لماذا ازلت العمر من استمارة النساء قلت نحن نريد ان نعلمهم الصدق ولن يصدقن معنا عندما نسألهم عن العمر فضحك الشيخ يوسف الحجي حفظه الله.
الالتقاء
عندما ذهبنا نهنئ الامير حفظه الله بشهر رمضان وكنا مجموعة من وزارة الاوقاف وخبراء الموسوعة الفقهية واعضاء لجنة الفتوى والدكتور خالد المذكور قبل الالتقاء مع امير البلاد سمو الامير الشيخ صباح الاحمد الجابر قال لي ان الكلمة عليك فقلت له انت كويتيا فقلها قال انت استاذي وعندما دخلنا رحب صاحب السمو بنا وقد اذن الظهر فصلينا ثم القيت الكلمة ودعوت له في هذه الكلمة ثم قال صاحب السمو حفظه الله ان دعاء الشيخ شرح صدري.
الإعداد
برامج الاذاعة التي كانت على الهواء ليس لها اعداد لأنه متجدد على السؤال اما البرامج الاخرى كنت اعدها في الليل وهي موسمية كرمضان والحج والمناسبات الوطنية وكذلك صباح الخير يا كويت ومساء الخير يا كويت في البرنامج الثاني ونور وبيان.
البداية
بالأول كان قرآن صرف اما المواد الاخرى فدخلت في معهد الدراسات بعد سنوات من دار القرآن وانا استقدمت من العلماء والمشايخ لأجل دار القرآن الشيخ محمد يونس وله برنامج في اذاعة القرآن والشيخ رؤوف سالم صاحب كتاب التجويد والشيخ محمد منظور هؤلاء الثلاثة الذين اتيت بهم للمرة الاولى وقد عملوا مؤلفا في فن التجويد «الفريد في فن التجويد» ومازال يدرس إلى الآن والناس مقبلون على علم التجويد إلى اليوم وخصوصا الناس.
فتوى
الفتاوى كانت كافة لأجل خدمة الناس في الاذاعة والتلفزيون حتى في بيت فتلفوني الخاص معروف للجميع يتصلون بي إلى ساعة الحادية عشر… وقد شعرت ان سمعي قد ضعف فذهبت إلى مستشفى الصباح وعند الدكتور عبدالله العلي اكرمه الله علم وادب وتواضع بعدما كشف قال ان كثرت الذبذبات تؤثر على العصب قلت له ان هذه رسالتي ولا استطيع تركها قال: اجعل الوزارة تأتي بهاتف بسماعة وفعلا تم تجهيز لي هذا النوع من الجهاز ولا يزال على مكتبي بعد ذلك عملت سماعة لأجل سماع اعضاء الفتوى عندما يدور على الحديث والنقاش على امر المسائل والاستفسارات بين اعضاء اللجنة.
الحج
اول سنة حججت 1967 وهي سنة النكسة في مصر وقد ذهبت على حسابي الخاص والتحقت بمطوف في مكة وقد حججت عندما انتهى عملي في الكويت فقد قلت في نفسي قد لا يتيسر لي الحج في مصر اما العمرة فكانت سنة 1995 لأنني ذهبت إلى مستشفى المغربي في جدة لأجل الفحص على عيوني وكان معي ابني محمد.
الكتاب
لقد حفظت القرآن كله ثلاثين جزءا وانا حفظت عند الشيخ حسن فراج وهو اول شيخ لي ومن الكتاب وهم منتشرون في القرى ويبدأ عملهم الصبح حتى اذان العصر يكتبون باللوح والخشب وهناك عريف مساعد الشيخ نحفظ عنده ونصحح عند الشيخ ونحفظ الجديد وعند بلوغي سن العاشرة اتممت حفظ القرآن بعد ذلك ذهبت إلى المكتب الراقي وهو غير موجود اليوم ندرس فيه الحساب والإملاء والخط فالكتاب ليس عنده دراسة بعد ذلك كان الالتحاق بالازهر… وانا بعد وفاة والدي رعاني عم والدي لأن والدي ليس له اخوان… فتولى رعايتي عم والدي رحمه الله واسرتنا هي يوسف مناع اما عائلة والدتي فهي البدر وهو اهل علم… واسرتنا منتشرة في قريتنا واصلها من الصعيد الجد الثالث وقد كان لي جد عالم وصالح بنى مسجدا ودفن فيه اسمه حسن مناع وقد اسموني على اسمه حسن مناع واليوم احفادي فهيم حسن مناع وكذلك اخواني اسموا حسن مناع ونحن في الصعيد في قنا، مركز دشنة لأنني انا عندما ذهبت مدرسا بسوهاج الطلبة فرحوا بي على اساس انني صعيدي والتفوا علي لأنني صعيدي وعرفت ان عائلة مناع بمركز دشنة تبع محافظة قنا، واجدادنا رحلوا إلى مصر وانقطعت الصلة.
الزواج
زواجي كان سنة 1948 وهي وحدة الله يرحمها وهي بنت خالي ومكثت معها اربعة وخمسين عاما وقد رزقني الله منها بمراد طبيب ومحمد مهندس وبنتين واحدة توفت والاخرى عندنا في الكويت وانا عملت وصية وصيت اولادي بتقوى الله والتكاتف ثم وصيتهم بأمهم ومن ضمن الوصية قلت اذا جاء الاجل فادفنوني بالكويت بأرض احببتها واحبني اهلها فقالت زوجتي وأنا كذلك فقلت اطمئني فالنساء اكثر عمرا من الرجال، فقالت لي انا اتمنى ان اموت قبلك لأنك انفع للأولاد مني وقد توفيت سنة 2002 ودفنت في الكويت وكان معظم المتبعين من الكويتيين.
التأليف
عندما كنت في المعهد الديني كان لي مؤلف في النحو وعندما جئت للجنة الفتوى صنفت كتابا اسمه فتاوى وتوجيهات وطبع منه خمس الاف ونفدت النسخ… وسنة 1981 اوفدتني الوزارة لمعرض كان في البحرين واذكر ان الوزير البحريني قال لي انني اضع المذياع على الكويت لكي اسمعك… والقيت محاضرة على مجموعة من النساء عن طريق الميكروفون واجبت عن كثير من الاسئلة والاستفسارات وكذلك خطبت الجمعة في اكبر مسجد في البحرين وكانت رحلة موفقة… انا ادركت ثمانية عشر وزيرا وكان اول واحد كان عبدالله مشاري الروضان ثم خالد الجسار ثم راشد الفرحان ثم المفرج إلى غاية اليوم وكل من قابلته منهم يعانقني.
الوعي
مجلة الوعي الاسلامي ادخلت بها باب الفتاوى ووسعت دائرة الاتصال بكبار الكتاب في العالم والمشاهير في العالم الاسلامي.
الفارس
سبب معرفتي بالشيخ عبدالرحمن الفارس رحمه الله انه عندما جئنا في اول سنة كنا اثني عشر مدرسا وقال لنا يامشايخ تكرموا وساعدونا في الوزارة لاننا ليس عندنا وعاظ وقال كلمة: تطوعا لله تعالى قال المدرسون نحن عندنا تصحيح ومراجعة كراسات كأنها الجبال وتحضير دروس واعتذروا فقلت انت تقول انها لله انا سوف اتي لكن ليس عندي سيارة فهذه اول سنة اتي بها للكويت فقال اطمئن سوف تأتيك سيارة وتأخذك وتذهب بك للمكان الذي تريد وعملت طوال شهر رمضان كل يوم في مسجد موظعة ثم كلفني ان اخطب في مسجد الشبرة الذي في الشويخ خطبة الجمعة ثم انتهت سنة والسائق يأتيني بالميعاد واذهب معه وفي اخر السنة جاءني الشيخ عبدالرحمن الفارس ومعه كيس صغير فيه علبة فيها ساعة وجواب شكر مكتوب بماء الذهب تساوي الالاف بعد ذلك عندما انتهت السنة قال سوف تستمر قلت نعم واستمررت اربع سنوات وعندما اعطاني الشيخ جواب الشكر قالوا ماذا اعطاك قلت شيكا وقد خطفه مني احدهم وعندما رآه جواب شكر قال من اي بنك سوف تصرفه فقلت سوف اصرفه من بنك ربنا وبقيت اربع سنين وانا متطوع وانا كلي يقين ان الله سوف يكرمني اما في صحتي او في اولادي ففضل الله كثير وايماني كان هكذا وهذا الذي جعل الوزير الروضان يكتب اسمي بيده ويقول لعبدالرحمن الفارس ات بحسن مناع اول واحد وبعده ات بأربعة وعاظ.
الترحيب
انني نرحب بكم وبجريدتكم «الراي» وانا من المعجبين بها لانها تنتهج التوسط طريقا لها وتتلقى الاخبار الصحيحة ولها عند الناس القبول وارجو لمسيرتها السداد وخدمة القراء.
الثقافي
اسندت إلى مستشار ثقافي عندما كانت الوزارة «كبرة» وكان لي بها مكتب وهي موقعها في مجمع الوزارات الحالي. الفارس فقيدنا الغالي الشيخ عبدالرحمن الفارس، توالى نعيك في الجرائد اليومية من يوم وفاتك، اعترافا بفضلك ووفاء لك، ولأنك صديق عمري ورفيق حياتي أكثر من أربعين عاما، كان لفراقك لوعة ولموتك حرقة عصرت قلبي بالاسى والألم والحسرة والمعاناة، فاسرعت إلى المسجل استمع إلى تلاوة القرآن الكريم، ومن فضل الله اسعفتني آية كريمة «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون»، فزادتني ايمانا بقضاء الله وقدره، ويقينا بان العبد وما ملكت يداه لمولاه، ان شاء ابقاه وان شاء استرده، فسبحان من له الدوام.
ان فقيدنا الغالي وهو فرع من شجرة مباركة، ومن سلالة اسرة توراثت العلم والايمان، والتقوى والصالح من قديم الزمن، نشأ في هذا الجو الطهور بتلقي العلم وبحفظ القرآن بكل حب وإيمان حتى تخرج من الازهر الشريف، وعاد إلى الكويت عالما كويتيا تعتز به الكويت وبأمثاله من العلماء.
عرفته حين جئت إلى الكويت عام 1963 مبعوثا من الازهر إلى المعهد الديني في الكويت، ولما انتهت مدة الاعارة جاءني في طنطا مقر اقامتي في مصر، وتعاقد معي للعمل في وزارة الاوقاف في الكويت، وكنت كل يوم اكتشف فيه خلقا طيبا وسلوكا اسلاميا مباركا، وفي عام 1970 قدمت مشروع انشاء دار القرآن الكريم، فوقف بجانبي حتى نجح المشروع نجاحا غير مسبوق، ويوم افتتاح اول دار للقرآن الكريم سمعته يكبر ثم سال دمعه تعبيرا منه بفرحته.
اما خدماته وهو مدير للمساجد ثم وهو وكيل مساعد فانها تستعصي على الحصر، ما رأيته يوما عابس الوجه، وكانت بسمته مشرقة تنير القلوب، واثنى عليه ضيوف الوزارة من كبار علماء المسلمين، ومن فضل الله على فقيدنا الغالي ان سيرته ستبقى عطرة لا يحول عطرها ولا يزول مدى الحياة.
أكبرت فيه قوة الايمان يوم الغزو الاجرامي، كان المواطنون والوافدون في انزعاج شديد، ولكن رحمة الله عليه وجدته مطمئنا واثقا من نصر الله، ومن خلال اصوات المدافع وازيز الطائرات المغيرة والحرائق الموقدة في كل مكان، كان يردد الآية الكريمة «وقد خاب من افترى»، ثم يقول: «ستعود الكويت حرة ابية، ما دامت دعوة المظلوم تفتح لها ابواب السماء ويقول الله لانصرنك ولو بعد حين».
يومها قال: «يا أبا مراد، انهم ليسوا اقوى من اصحاب الفيل»، ثم قال: «ان خط الطغيان دائما خاسر، وانه على الباغي تدور الدوائر»، ولما جاء التحرير قال: «ان من اسباب النصر التحام الشعب حول قيادته، فلم يقبلوا التهديد ولا الترغيب، واسعاف الكويت للمنكوبين في كل مكان جعلهم اهلا للنصر، واخيرا بركة القرآن الكريم عجلت فرج الله ونصره العظيم».
رحمك الله يا اخي عبدالرحمن بقدر ما قدمت في دنيا الناس من خير وفضل، وبقدر ما قدمت من خدمات للاسلام والمسلمين.
يا رب ارحمه رحمة واسعة، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، واجعله خير رفيق للنبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
يارب الهم اهله واصحابه ومحبيه الصبر الجميل، وتقبل دعاءهم واسكنه فسيح جناتك، وانا لله وإنا اليه راجعون.
Lorem Ipsum